شهادة تيم ليندركينغ
المبعوث الأميركي الخاص لليمن
لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب
اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومكافحة الإرهاب العالمي
6 كانون الأول/ديسمبر 2022
(كما تم تحضيرها)
رئيسة اللجنة سيسلين، العضو البارز ويلسون، أعضاء اللجنة الفرعية، أشكركم على دعوتكم لنا لمناقشة جهودنا لتقديم حل دائم للصراع وتخفيف حدة الأزمة الإنسانية الأليمة التي تواجه ذلك البلد.
يشهد اليمن حاليًا أطول فترة هدوء منذ بدء الحرب قبل ثماني سنوات. لم يجلب هذا الهدوء راحة ملموسة لملايين اليمنيين فحسب، بل خلق أيضًا فرصة فريدة لعملية سلام. ومع ذلك، لا يزال الوضع هشًا، خاصة وأننا شهدنا تراجع الحوثيين عن التزاماتهم، وتقديم مطالب متطرفة، والأكثر إثارة للقلق، سلسلة من الهجمات الأخيرة التي تهدد الشحن البحري الدولي. إن مطالبة الحوثيين في اللحظة الأخيرة للحكومة اليمنية بتحويل عائداتها المحدودة من صادرات النفط لدفع رواتب مقاتلي الحوثيين النشطين – حتى مع رفض الحوثيين الالتزام بوقف إطلاق النار – منع الأمم المتحدة من تأمين اتفاق هدنة جديد بين الطرفين في تشرين الأول/أكتوبر. الحوثيون يواصلون أيضا احتجاز موظفينا ولم يستجيبوا للجهود الدبلوماسية المتعددة لتأمين إطلاق سراحهم. هذه الأعمال تشكل إهانة للمجتمع الدولي بأسره وغير مقبولة على الإطلاق.
على الرغم من هذا السلوك الحوثي المزعزع للاستقرار، فإنني آمل أن تكون هذه هي أفضل فرصة للسلام حصل عليها اليمن منذ سنوات. فالعناصر الرئيسية للهدنة مستمرة في الصمود، بما في ذلك التدفق الحر للوقود إلى ميناء الحديدة، والرحلات التجارية المنتظمة من وإلى مطار صنعاء، وانخفاض كبير في الأعمال العدائية مما أدى إلى استمرار انخفاض الخسائر المدنية. وعلاوة على ذلك، تستمر المفاوضات المكثفة بين الطرفين حول اتفاق هدنة أوسع نطاقا، بدعم من الشركاء الإقليميين الرئيسيين مثل المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان. والأهم من ذلك أن الهدنة وجهود السلام تحظى بدعم قوي على نطاق أوسع في جميع أنحاء اليمن وفي المنطقة.
لقد رأينا المملكة العربية السعودية تتخذ خطوات استباقية على مدى الأشهر العديدة الماضية لتأمين الهدنة وضمان استمرار ضبط النفس منذ انتهاء الاتفاق في تشرين الأول/أكتوبر. ومع ذلك، يجب ألا نتجاهل قوة وساطة الأطراف اليمنية نفسها، ودورها الحاسم في تأمين حل دائم بقيادة يمنية للصراع. بعد كل شيء، فإن الطريقة الوحيدة لإنهاء الحرب بشكل دائم وتغيير اتجاه الأزمة الإنسانية هي من خلال عملية سياسية بين اليمنيين بعضهم البعض.
يجب أن نتذكر أن جذور الحرب المستمرة تنبع من تعطيل عملية الانتقال السلمي في اليمن في العام 2014. وقد استمرت التوترات والتحديات التي سعت تلك العملية إلى حلها في التفاقم على مدى ثماني سنوات من الحرب ولا يمكن معالجتها في النهاية إلا من قِبل اليمنيين أنفسهم. وخلال هذه الفترة، تم دفع المؤسسات اليمنية إلى حافة الانهيار، وهذا أكثر من أي شيء آخر هو الذي يقود الأزمة الإنسانية: فالبنوك المركزية المتصدعة تدفع بعدم الاستقرار الاقتصادي في جميع أنحاء البلاد، ونظام الرعاية الصحية معطل وغير قادر على وقف تفشي الأمراض التي يمكن الوقاية منها. فقط عملية سياسية شاملة بقيادة يمنية يمكن أن تبدأ في إعادة دمج هذه المؤسسات معًا. في غياب مثل هذه العملية، سيستمر القتال، وستتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن.
بينما شكلت الحكومة اليمنية وفدًا للمحادثات وأكدت استعدادها لمعالجة هذه القضايا وغيرها، فإن الحوثيين لم يلتزموا بعد بالمشاركة في العملية السياسية. منذ نيسان/أبريل، يرفض الحوثيون تنفيذ أحد أبسط شروط الهدنة من الاتفاقات السابقة – ألا وهو فتح الطرق أمام ثالث أكبر مدينة في اليمن، تعز، التي تخضع للحصار منذ العام 2015. والآن، أطلق الحوثيون سلسلة من الهجمات التي تهدد الملاحة الدولية لأنهم يسعون إلى قطع التدفق الحر للوقود وحرمان الحكومة اليمنية الشرعية من تلك الإيرادات. وبذلك، فإن الحوثيين يحرمون اليمنيين من الرواتب والخدمات والتنمية التي هم في أمسّ الحاجة إليها والتي تدفع قيمتها الحكومة اليمنية من خلال تلك الإيرادات.
نحن في لحظة حرجة: يجب أن نحافظ على الزخم الإيجابي والمكاسب التي تحققت منذ نيسان/أبريل. وهذا يشمل إدانة هجمات الحوثيين الأخيرة وزيادة دعواتنا لعملية سياسية شاملة بقيادة يمنية. إن الإجماع الدولي القوي – بما في ذلك بين الدول الخمس الدائمة العضوية – هو ذُخر في هذا الصدد. وبالمثل، فإن صوت هذه اللجنة ضروري. فالحوثيون يستمعون إلى ما تقولونه أيضًا. من الضروري جدا بالنسبة لاستراتيجية الدعاية الحوثية أن يُنظر إليهم على أنهم الضحية. وفي مواجهة المطالب اليمنية العارمة بإنهاء الحرب، لا يستطيع الحوثيون تحمل نشر الحقيقة – وهي أنهم يبتعدون عن السلام. وتقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية مساءلتهم وبيان الحقائق.
لا تستطيع الولايات المتحدة وحدها إنهاء الحرب في اليمن – فقط الأطراف اليمنية هي التي يمكنها أن تفعل ذلك – ويجب أن نكون واضحين بشأن المحرّكات والتفاعلات المعقدة للأزمة. ومع ذلك، فإننا نلعب دورًا حاسمًا في جهود السلام في اليمن. لقد ساعدت مشاركتنا المستمرة والمكثفة والأولوية التي أولتها هذه الإدارة لحل النزاع في حشد إجماع دولي وإقليمي غير مسبوق حول جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة. وكما أشرتُ سابقا، فإن المملكة العربية السعودية، على وجه الخصوص، تتخذ خطوات استباقية أكثر من أي وقت مضى لدعم الجهود المبذولة لإنهاء الحرب، كما رأينا أيضًا تدخل سلطنة عُمان للعب دور وساطة حاسم. نحن نتشاور بشكل روتيني مع الحكومة اليمنية لتحديد فرص التسوية مع استمرارها في إظهار دعمها لجهود السلام في مواجهة عناد الحوثيين. إن دعمنا للحكومة اليمنية ضروري لتهيئة الظروف لتسوية تفاوضية للصراع.
وكما سيخبركم مساعد المدير العام تشارلز، يجب أن تشمل جهود الإدارة الأميركية في اليمن استمرار القيادة الأميركية في تقديم كل من المساعدة الإنسانية المنقذة للأرواح والمساعدة التنموية التي يمكن أن تساعد في منع انهيار المؤسسات اليمنية، وتخفيف وطأة عدم الاستقرار الاقتصادي، وإرساء الأساس لتعافي اليمن، وتلبية دعوات اليمنيين لتحقيق العدالة والمساءلة.
أود أن أختتم شهادتي بالحديث عن ناقلة النفط صافر، وهي قضية تهمنا جميعًا. أود أن أشكر الكونغرس، على قيامه، في وقت سابق من هذا العام، بتخصيص مبلغ 10 ملايين دولار لمشروع تابع للأمم المتحدة لمنع تسرب النفط من الناقلة صافر- ناقلة النفط المتداعية قبالة الساحل اليمني التي تحمل 1.14 مليون برميل من النفط. ولكي نضع الأمر في سياقه، فهذه الكمية تعادل أربعة أضعاف ما تسرب من ناقلة النفط ’إكسون فالديز‘ في العام 1989. وكما تعلمون، لم تخضع ناقلة النفط صافر للصيانة المناسبة منذ العام 2015، وكل يوم يمر، يزداد خطر حدوث تسرب كارثي. ومثل هذا التسرب سيكلف ما لا يقل عن 20 بليون دولار في تكاليف التنظيف وحدها، ناهيك عن اضطراب النشاط الاقتصادي في جميع أنحاء المنطقة – بما في ذلك ممرات شحن النفط العالمية شديدة الأهمية – والعواقب البيئية والإنسانية الوخيمة عبر البحر الأحمر واليمن.
لقد استفادت الولايات المتحدة من مساهمتنا البالغة 10 ملايين دولار ومشاركتنا المكثفة مع الشركاء الإقليميين والدوليين والجهات الفاعلة في القطاع الخاص ومجموعات المناصرة لمساعدة الأمم المتحدة في جمع أكثر من 80 مليون دولار من التمويل الإضافي – وهو ما يكفي لإجراء مشروع طوارئ لتفريغ النفط من ناقلة النفط صافر، ومنع التسرب، مما يؤدى إلى توفير بلايين الدولارات وتجنب الكارثة. نحن سنظل منخرطين في هذه القضية لضمان تنفيذ العملية في الوقت المناسب وتشجيع التمويل الإضافي لعملية المتابعة.
تُعتبر ناقلة النفط صافر مثالًا قويًا على كيفية استفادة الولايات المتحدة من مساعدتها وقيادتها لإحداث تأثير كبير – وهو مثال أعتقد أننا نراه أيضًا في جهودنا للمساعدة في حل النزاع اليمني والتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية في البلاد. إن الولايات المتحدة ستواصل البناء على هذا التقدم والاستفادة من قوتنا الدبلوماسية ومساعدتنا لتقديم حل دائم للصراع. أشكركم على دعمكم، وأتطلع إلى العمل مع الكونغرس والإجابة على أسئلتكم.